آراء تحليلية

آراء الخبراء المختصين ونظرتهم التحليلية المعمقة حول نتائج "استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي 2020".

لمساعدة النساء العربيات على كسب حقوق أكثر

جهاد أزعور

مينا العُريبي

في استطلاع "أصداء بي سي دبليو" لرأي الشباب العربي هذا العام، قالت معظم الشابات العربيات أنهن يتمتعن بحقوق متساوية مع الرجال في بلدانهن. ومن بين 1,700 شابة شاركن في الاستطلاع الرئيسي، قالت 64% منهنّ أنهن يتمتعن بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الرجال. ويصل هذا الرقم إلى 71% في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، و62% في شمال أفريقيا، و60% في شرق المتوسط. ومما يثير الدهشة أنّ 11% من النساء يعتقدن أنهن يتمتعن بحقوق أكثر من الرجال؛ بينما قالت 25% منهنّ أن الرجال يتمتعون بحقوق أكثر من النساء في بلدانهن. ومن بين 3,400 مشارك في الاستطلاع الرئيسي تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في 17 دولةً عربية، كان هناك شعور عام بالتفاؤل حيال حقوق الجنسين.

تبدو هذه النتائج مذهلةً بحق. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة يتعين مواجهتها بما في ذلك كيفية ممارسة الحقوق، وما إذا كانت هذه الحقوق متاحةً للنساء من جميع قطاعات المجتمع. ولا يمكن التغاضي بطبيعة الحال أيضاً عن تأثير الأعراف الثقافية والتوقعات الاجتماعية على وضع النساء في مجتمعاتهن.

واتخذت العديد من الدول العربية العام الماضي خطوات مهمة لضمان حقوق النساء، كما ازداد عدد النساء العربيات اللواتي رفعن صوتهن في مواجهة حالات التحرش، وكان ذلك في جزء منه استجابةً لحركة "أنا أيضاً" (#MeToo) العالمية.

بدا ذلك أكثر وضوحاً في مصر، حيث أعلنت مئات النساء عن تعرضهن للتحرش ووجدت بعض هذه الحالات طريقها إلى أروقة المحاكم. كما تم في أغسطس الماضي إقرار مشروع يمنح النساء الحق بعدم الكشف عن هويتهنّ في قضايا التحرش والاعتداء الجنسي، وقد وفّر القانون الحماية لمزيد من النساء باعتبار هذا الموضوع يدخل غالباً ضمن نطاق المحرمات التي يصعب مناقشتها. وكان هذا العام مهماً أيضاً لحقوق المرأة في السودان، حيث تتجه الحكومة الانتقالية نحو معالجة المظالم التي تواجهها النساء؛ فمثلاً أقرت الخرطوم في 1 مايو 2020 تجريم ختان الإناث. ومع أنّ هذه الممارسة ما تزال شائعةً في مناطق كثيرة من السودان، إلا أن الدولة أقرّت حظرها رسمياً الآن. وتساعد هذه الخطوات وغيرها على ضمان المزيد من الحقوق والحماية للفتيات والنساء في المنطقة.

ووفقاً لتقرير مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2020، تحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المرتبة الأدنى على مستوى العالم بنسبة أداء إجمالي بلغت 61,1% فيما يتعلق بسد الفجوة بين الرجال والنساء. ومن المثير للاهتمام بطبيعة الحال أن المنطقة تحتل مرتبة متقدمة على مؤشر التحصيل العلمي بنسبة 95%، وبلغت نسبة أدائها في مؤشر الصحة ومدى الحياة 97%. ولكن الأداء السيء يتبدى في مؤشر المشاركة الاقتصادية بنسبة 42%، وفي مؤشر التمكين السياسي بنسبة 10%. ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن يستغرق سد الفجوة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 150 عاماً إذا ما استمر التقدم في هذا المجال بالوتيرة الحالية.

ومن النقاط البارزة التي يجدر التوقف عندها هو التناقض بين المكاسب التعليمية للنساء من جهة وحجم مشاركتهن في قوى العمل من جهة ثانية. ووفقاً لاستطلاع رأي الشباب العربي هذا العام، تعتقد 70% من الشابات العربيات أن فرص الحصول على تعليم جيد متساوية بين الذكور والإناث، وترى 19% منهن فقط أنه من الأسهل على الذكور الحصول على تعليم جيد مقارنةً بالإناث، بينما تعتقد 11% أن الأمر أسهل على الإناث من الذكور.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالفرص المهنية، فإن 52% فقط من الشابات المشاركات في الاستطلاع يعتقدن أن الرجال والنساء يتمتعون بفرص مهنية متساوية. بينما تقول 35% منهن إن الرجال يتمتعون بفرص مهنية أفضل. وتعتقد أقلية صغيرة من الشابات (13%) أن النساء يتمتعن بفرص مهنية أفضل من الرجال. وفي حين يعالج استطلاع رأي الشباب العربي هذه التصورات، فإن النسبة الرسمية لمشاركة النساء في قوى العمل تُقدَّر بنحو 20% في العالم العربي؛ وهذا يعني أن المنطقة تحتل المرتبة الأدنى على مستوى العالم من حيث مشاركة المرأة في سوق العمل.

وكان لتفشي "كوفيد-19" وما تلاه من إجراءات تأثير كبير على النساء باعتبارهن الشريحة المسؤولة عموماً عن رعاية الأطفال وكبار السن. فمع الانتقال إلى تعليم الأطفال في المنازل واضطرار كبار السن إلى المكوث في بيوتهم، تأثرت النساء إلى حد كبير مع التزامهن بتوفير الرعاية لكلتا الشريحتين. ولم يتم حتى الآن قياس المدى الكامل لهذا التأثير؛ غير أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أصدرت في يونيو 2020 تقريراً يشير إلى أن "كوفيد-19" سيكون له تداعيات كبرى على النساء تحديداً.

وقال التقرير إن "منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها ثاني أكبر فجوة بين الجنسين على مستوى العالم لناحية الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي. حيث تمضي النساء من وقتهن وسطياً ستة أضعاف ما يمضيه الرجال على تقديم الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي". ويضيف التقرير أنّ "نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يخصصن وسطياً 89% من أيام عملهن لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر؛ وهذا بالكاد يترك لهن مجالاً للعمل مقابل أجر مقارنةً بنحو 20% من الذكور". وثمة ترابط قوي بين هذه الواجبات ومشاركة الإناث في قوى العمل، ولا يبدو هذا الترابط سليماً بطبيعة الحال.

وتعتبر مشاركة النساء في قوى العمل ضرورة أساسية لنمو الاقتصادات العربية كما هي الحال عموماً في جميع أنحاء العالم. وتؤثر التصورات السائدة حول عمل النساء بدوام كامل على هذه المشاركة، ولا سيما من حيث حصول النساء على شبكة الدعم المناسبة. وفي استطلاع رأي الشباب العربي لهذا العام، أعربت 76% من الشابات المشاركات عن اعتقادهن بأن "أفضل طريقة تدعم بها المرأة عائلتها هي العمل"، غير أن القسم الأكبر من هؤلاء الشابات يعتقدن بصحة هذا الأمر إذا عملت المرأة بدوام جزئي. كما تعتقد 64% من المشاركات أن عمل المرأة بدوام جزئي يعود بفائدة أكبر على عائلتها، وترى 30% منهن أن العمل بدوام كامل أكثر فائدةً للعائلة، بينما تعتقد 24% أن التزام المنزل طيلة الوقت هو أفضل طريقة تدعم بها المرأة عائلتها.

في المقابل، يعتقد 43% من الشباب الذكور المشاركين في الاستطلاع أن أفضل طريقة تدعم بها المرأة عائلتها هي العمل بدوام جزئي، ويعتقد 27% منهم أن عمل المرأة بدوام كامل هو الأفضل لعائلتها. في حين يرى الـ 30% المتبقون أن التزام المنزل هو أفضل طريقة تدعم بها المرأة عائلتها. وحقيقة أن الرجال والنساء على حد سواء ينظرون إلى عمل المرأة بدوام جزئي على أنه مفيد لعائلاتهن يتزامن مع بحث عالمي يشير إلى أن النساء يستفدن من ظروف العمل المرنة بدوام جزئي. ومع ذلك، فإن هذه الظروف تعني غالباً أن المرأة قد تحصل على أجر منخفض وأمان وظيفي أقل. وفي جميع الأحوال، تنبئ جائحة "كوفيد-19" وتداعياتها بارتفاع مستوى المرونة في العمل.

وتشير تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا إلى أن نساء العالم العربي سيفقدن ما يقارب 700 ألف وظيفة نتيجة تفشي فيروس كورونا. وقد يكون هناك في المقابل فرصة مهمة لإجراء مزيد من الإصلاحات لناحية المرونة في ظروف العمل وتقديم الدعم المالي للشركات الناشئة، الأمر الذي يفتح أمام المرأة أبواب القطاع الخاص. ويحتاج القطاعان العام والخاص خلال السنوات المقبلة إلى دعم النساء للتعافي من تأثير "كوفيد-19". ولا بد أيضاً من مضاعفة الجهود لضمان ألا تؤدي الجائحة إلى خسارة الإنجازات التي تحققت، وأن تساهم الممارسات التي نشأت بسببها في مساعدة المرأة على ضمان المزيد من الحقوق والفرص.

تشغل مينا العريبي منصب رئيسة تحرير "ذا ناشيونال" وهي صحيفة يومية تصدر باللغة الإنجليزية من أبوظبي. وتتمتع مينا، الإعلامية البريطانية-العراقية، بخبرة تفوق 15 عاماً في تغطية أخبار الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا. وشغلت سابقاً منصب زميلة أولى في معهد فاعلية الدولة. وعملت مينا في معهد فاعلية الدولة على وضع توصيات لتحسين سياسات الحوكمة في العالم العربي مع التركيز على العراق وسوريا. وكانت مينا أيضاً مساعدة رئيس التحرير في صحيفة "الشرق الأوسط". وفي عام 2015، كانت العريبي عضواً في "زمالة عالم ييل"، كما أنها عضو في مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في العراق، السليمانية. تم إدراجها ضمن القادة العالميين الشباب من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، وهي عضوة في المجلس العالمي للإعلام.

سونيل جون

رئيس شركة "بي سي دبليو الشرق الأوسط" (بيرسون كون آند وولف) ومؤسس "أصداء بي سي دبليو"
آن الأوان ليؤتي "عائد الشباب العربي" ثماره

Mina Al Oraibi
أفشين مولافي

زميــل أول فــي معهــد الشــؤون الخارجيــة بجامعة جــون هوبكنز للدراســات الدولية المتقدمــة فــي واشــنطن
استمعوا لصوت البراغماتية

Khalid Al Maeena
د. جهاد أزعور

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى صندوق النقد الدولي
كوفيد-19 يسرّع الحاجة لعقد اجتماعي جديد

Sunil John
إيمان الحسين

باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الشباب العربي وأهمية تجديد الخطاب الديني

Bernard Haykel
مينا العريبي

رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال"، أبو ظبي
لمساعدة النساء العربيات على كسب حقوق أكثر

Hassan Hassan
حسين إبيش

باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الإمارات العربية المتحدة نموذجٌ جديد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية

Hussein Ibish
كيم غطاس

صحفية ومحللة ومؤلفة كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، صراع الأربعين عاماً الذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط
إيران وغضب الدول العربية ذات الأغلبية السنية

Raed Barqawi
منى الشقاقي

مراسلة قناة العربية الأخبارية في واشنطن
إذا لم تتمكن من استقطاب اهتمامهم في غضون 8 ثوانٍ ... ستفقدهم

Osama Al Sharif