آراء تحليلية

آراء الخبراء المختصين ونظرتهم التحليلية المعمقة حول نتائج "استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي 2020".

"كوفيد – 19" يسرّع الحاجة لعقد اجتماعي جديد

جهاد أزعور

جهاد أزعور

تزامناً مع إطلاق استطلاع أصداء بي سي دبليو لرأي الشباب العربي 2019، طرحت فكرة تأسيس عقد اجتماعي جديد، حيث توفر الدولة بيئة داعمة لنمو وازدهار شبابها على المدى الطويل. ثم ضربت جائحة "كوفيد – 19" المنطقة العربية والعالم بأسره، ولا تزال تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية تلقي بظلالها حتى اليوم. ولكن ذلك لم يجعلني أتراجع عن فكرتي، بل ضاعفت الأزمة برأيي من أهمية تأسيس عقد اجتماعي جديد.

وتقدم نتائج استطلاع رأي الشباب العربي 2020 منظوراً جديداً حول مخاوف الشباب وتطلعاتهم مع بداية تفشي جائحة "كوفيد – 19"، فقد بات الشباب العربي في هذا العقد يتوقون إلى التغيير بهدف تحقيق ازدهار مشترك وبناء مستقبل أفضل. ويُظهر الاستطلاع بأن قرابة نصف الشباب قد فكروا بمغادرة بلدانهم بحثاً عن فرص اقتصادية واجتماعية أفضل؛ مع ترجيح 40% منهم فكرة الهجرة الدائمة. وفي الوقت نفسه، كان شباب الدول التي شهدت احتجاجات شعبية عارمة واثقين بأن هذه الاحتجاجات ستساهم في إحداث تغيير إيجابي. فهي ناتجة عن رغبتهم بتحسن سياسات حكومتهم وتراجع مستويات الفساد، وهو ما يعتبرونه أبرز معوقات التقدم.

وكالعادة، بقيت البطالة موضع قلق بارز. كما اتضح أن المزيد من الشباب مثقلون بالديون، ناهيك عن تفاقم المشاكل المالية المحتملة نتيجة الجائحة. وقد تعززت هذه المخاوف لا شك بسبب جائحة "كوفيد – 19". ومن منظور أكثر تفاؤلاً، فقد بدأ الشباب العرب، يبحثون عن فرص عمل بعيداً عن الوظائف التقليدية: مع سعيهم لتأسيس شركاتهم الخاصة وخفض توقعاتهم حول وظائف القطاع العام، وتبني الثورة الرقمية. كما اتجه الشبان والشابات إلى دعم المساواة بين الجنسين في الوصول إلى التعليم وسوق العمل، وهو ما يبشر بمستقبل أفضل.

وفيما لا تزال توقعات الشباب العربي مرتفعة، فإن "كوفيد – 19" تسبب بحالة قلق غير مسبوقة خاصة مع إغلاق العديد من الشركات، وبالتالي تسريح عدد كبير من الموظفين وتزايد تفاوت الفرص بين الجنسين. كما شهدت جميع الدول تقريباً ركوداً فاق سابقه الذي أعقب الأزمة المالية العالمية في عام 2018 2008، وصدمة أسعار النفط في عام 2015. ومن المتوقع كذلك أن يتسبب الركود الاقتصادي في مفاقمة التحديات الإنسانية ومشكلة اللاجئيناللاجئين ، والتي تواجههافي الدول الضعيفهالضعيفة والتي تعاني من الصراعات أصلاً. ويواجه الكثير من الشباب احتمال دخول سوق العمل في وقت الركود الاقتصادي الحاد وانعدام اليقين

كما يواجه الموظفون الحاليون خطر فقدان وظائفهم بسبب افتقارهم نسبياً إلى الخبرة والمهارات؛ بينما يعاني طلاب المدارس من صعوبات عملية من حيث الوصول لخدمات التعليم؛ بالإضافة إلى تقلص الفرص الدولية أمامهم بسبب إغلاق الدول حدودها أمام السياح والطلاب والمهاجرين، على حدٍّ سواء. وخلال فترة الأزمة الحالية، اضطرت النساء إلى البحث عن عمل بغية توفير دخل إضافي لأسرهن والتخفيف من حدة المسؤوليات العائلية.

يجب أن يكون تركيزنا حالياً موجهاً نحو السيطرة على الجائحة والحد من تأثيرها الاقتصادي. ورغم تحصين الشباب نسبياً من تبعاتها الصحية، إلا أنها ستلقي بتأثيرات طويلة الأمد على وظائفهم وفرص تحقيق الدخل.

ولتخفيف وقع الصدمة الناتجة عن تفشي الجائحة؛ اتخذت حكومات المنطقة إجراءات لدعم شبكات أمان اجتماعية ملائمة من شأنها حماية الأسر والمحتاجين، وتوفير إعفاءات ضريبية مؤقتة ومخصصة وإعانات وتحويلات لصالح الشركات للصمود أثناء محاولة السيطرة على الوباء. كما تم اتخاذ تدابير إضافية تركّز على تطوير برامج محددة تُعنى بالمحافظة على شبكات التوظيف، وتوفير التدريب اللازم لتسهيل العمل عن بعد، ودعم عملية إعادة توزيع الموارد البشرية، وتكثيف دعم الشركات الصغيرة والناشئة – والتي تعتبر جهة التوظيف الرئيسة للشباب.

أولويات وفرص
على الصعيد المستقبلي، سيكون من الضروري الحد من التأثيرات طويلة الأمد للجائحة، ودعم إعادة فتح العلاقات الاقتصادية طويلة الأجل. وتبرز جائحة "كوفيد – 19" كنقطة تحول حاسمة في إرساء منهجية مرنة ضد الصدمات، إذ يتعين على الدول العربية السعي نحو بناء اقتصادات أكثر إنصافاً ونظافة واستدامة.

تدفعنا الجائحة لإعادة صياغة مفهوم تحقيق الانتعاش الاقتصادي. وللنجاح في هذا المسعى، يتعين على الدول وضع أجندة الشباب في صلب اهتماماتها والتركيز على بعض الأولويات الرئيسية (1) الحد من تنامي حالة اللامساواة بين الجنسين والتي عززتها الجائحة (2) دعم مرونة الانتعاش الاقتصادي (3) تكريس التحول الرقمي. ولتحقيق هذه الأهداف، هناك 4 سياسات رئيسية بالغة الأهمية – والتي قد تعتمد على اتساع شريحة الشباب المثقف والمتمرس في التكنولوجيا في المنطقة - وهي:

الاستثمار في الأفراد وشحذ مواهبهم: سيتعين على الحكومات تبني سياسات إنفاق اجتماعي تلبي المتطلبات الجديدة للأفراد في قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. ويكمن الهدف من ذلك في إرساء نظام يتوافق مع سوق عمل أكثر مرونة.

تسريع وتيرة تبني واستخدام التقنيات الجديدة: أظهرت هذه الأزمة كيف يمكن تسخير التقنيات بشكل أفضل، مثلاً عبر السماح للأفراد بالعمل عن بعد ودعم وصولهم إلى السوق. ومن هنا، يتعين على الدول تعزيز ترابطها الرقمي وتسخير التقنيات الجديدة، وتبرز هنا مجموعة من الفرص، بدءاً من إمكانية توفير المزيد من الخدمات عبر الإنترنت، ومروراً بإمكانية الحد من البيروقراطية عبر الحكومة الإلكترونية، ووصولاً إلى فرصة تغيير منهجية التعلم – حيث يمكن أن تصبح المنطقة حاضنة للتعليم العالي في وقت بات فيه السفر صعباً، أو في جعل المدارس والمستشفيات توظف التقنيات الجديدة. وقد عززت الأزمة من ترابط الاتصالات الرقمية العالمية والتي حافظت بدورها على نشاط بعض الاقتصادات، ويمكن أن يمثل الشباب العربُ المتمرسون في التكنولوجيا الركيزة التي تحتاجها الدول لتعزيز اندماجها في النظام الاقتصادي العالمي الجديد عبر الرقمنة والتقنيات الجديدة.

تعزيز الحوكمة: أكدت الجائحة أن تنامي الثقة بين الحكومات والمواطنين يسهل إلى حدٍ كبير من تطبيق السياسات بشكل فاعل. ويمكن توطيد هذه الثقة عبر تحسين الحوكمة ومكافحة الفساد. لذا، فإن تعزيز الشفافية والمحاسبة والحد من البيروقراطية يمكن أن يقلل من فرص تفشي الفساد.

توفير الفرص للجميع: يجب أن تسعى الحكومات إلى المحافظة على المكاسب التي جنتها قبل الأزمة وتحاول تعزيزها. واستناداً إلى تنامي مساعي المساواة بين الجنسين ودمج المرأة في القوة العاملة، يمكن للسياسات المدروسة أن تخفف من التأثيرات السلبية للأزمة على المرأة، وتحد من تراجع مكاسب تحقيق المساواة. ويعتبر خلق الفرص للنساء والشباب حلاً ناجعاً لمعالجة مشكلة عدم المساواة في الدخل، وتحقيق النمو والمرونة الاقتصادية.

دعونا نعمل معاً على بناء اقتصادات أقوى بمعدل ازدهار أعلى. ورغم ثقل أعباء الجائحة عليهم، يحمل الشباب بين أيديهم مفتاح الانتعاش الاقتصادي والازدهار المتنامي لنا جميعاً. فهم مكمن قوة المنطقة، وسيقود تحقيق آمالهم وتطلعاتهم بلا شك إلى إرساء دعائم مستقبل أفضل.

يتولى جهاد أزعور منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، كما شغل سابقاً منصب وزير المالية في لبنان من عام 2005-2008 حيث عمل حينها على تنسيق تنفيذ مبادرات مهمة للإصلاح على المستوى الوطني وداخل وزارة المالية. وتقلّد أزعور العديد من المناصب في القطاع الخاص، ومن أبرزها منصب نائب الرئيس والمستشار التنفيذي الأول في شركتي "ماكينزي آند كومباني" و"بوز آند كومباني" من 2009 -2013. وقبل انضمامه إلى صندوق النقد الدولي تولى أزعور منصب مدير شريك في "إنفنتيس بارتنرز" للاستشارات والاستثمار. ويحمل أزعور درجة الدكتوراه في العلوم المالية الدولية ودرجة علمية عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية، وكلاهما من معهد الدراسات السياسية في باريس.

سونيل جون

رئيس شركة "بي سي دبليو الشرق الأوسط" (بيرسون كون آند وولف) ومؤسس "أصداء بي سي دبليو"
آن الأوان ليؤتي "عائد الشباب العربي" ثماره

Mina Al Oraibi
أفشين مولافي

زميــل أول فــي معهــد الشــؤون الخارجيــة بجامعة جــون هوبكنز للدراســات الدولية المتقدمــة فــي واشــنطن
استمعوا لصوت البراغماتية

Khalid Al Maeena
د. جهاد أزعور

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى صندوق النقد الدولي
كوفيد-19 يسرّع الحاجة لعقد اجتماعي جديد

Sunil John
إيمان الحسين

باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الشباب العربي وأهمية تجديد الخطاب الديني

Bernard Haykel
مينا العريبي

رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال"، أبو ظبي
لمساعدة النساء العربيات على كسب حقوق أكثر

Hassan Hassan
حسين إبيش

باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الإمارات العربية المتحدة نموذجٌ جديد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية

Hussein Ibish
كيم غطاس

صحفية ومحللة ومؤلفة كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، صراع الأربعين عاماً الذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط
إيران وغضب الدول العربية ذات الأغلبية السنية

Raed Barqawi
منى الشقاقي

مراسلة قناة العربية الأخبارية في واشنطن
إذا لم تتمكن من استقطاب اهتمامهم في غضون 8 ثوانٍ ... ستفقدهم

Osama Al Sharif