آراء تحليلية

آراء الخبراء المختصين ونظرتهم التحليلية المعمقة حول نتائج "استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي 2020".

إيران وغضب الدول العربية ذات الأغلبية السنية

كيم غطاس

كيم غطاس

في عام 2015، تفاخر نائب إيراني مقرّب من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي بأن ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران - بغداد ودمشق وبيروت - وأن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي باتت في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية.

يبدو هذا التصريح أقرب إلى الدقة؛ فإيران كانت وما زالت تحظى بنفوذ كبير في هذه العواصم، ولو بنسب متفاوتة، من خلال الحلفاء والوكلاء والميليشيات. ولكن سيطرة إيران في هذه البلدان ليست مطلقة: ففي لبنان، عليها أن تتعامل مع تعقيدات النظام السياسي الذي لا يستقر على أغلبية واضحة؛ وفي العراق، عليها التعايش مع استمرار الوجود العسكري الأمريكي؛ بينما تتنافس في سوريا مع روسيا.

غير أن هذا التصريح فاقم مستوى التوتر والغضب في عواصم البلدان العربية ذات الأغلبية السنية بشأن دور إيران في المنطقة. وشكّلت السنوات العشر التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 - والذي أطلق العنان للتوغل الإيراني بشكل غير مباشر- حقبة من التحسّر في العالم السني وسط تحذيرات من تشكّل هلال شيعي.

كان الملك الأردني أول من تحدث في عام 2004 عن هذا الهلال الذي يمتد من إيران إلى لبنان عبر العراق، وحذّر من دوره المحتمل في زعزعة استقرار دول الخليج والمنطقة برمتها. ومع أن النزاع لم يكن قائماً بطبيعة الحال على الاختلافات الطائفية، إلا أن الدين كان وسيلةً استغلها المعسكران لتأليب المشاعر وتحديد اصطفافات كل منهما في مواجهة الآخر.

وخلال ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تفاقمت مخاوف الدول العربية بسبب مفاوضاته مع إيران حول برنامجها النووي وعدم جنوحه إلى استخدام القوة لكبح جماح التوسع الإيراني.

وبعد خمس سنوات من تصريح النائب الإيراني، جاء الرد مذهلاً في استطلاع أصداء بي سي دبليو لرأي الشباب العربي لدى سؤالهم عن القوة الأكثر تأثيراً في المنطقة في عام 2020: حيث قال 14% فقط من المشاركين إن إيران هي القوة (غير العربية) الأكثر تأثيراً في المنطقة، بينما حصلت السعودية على 39% من أصوات المشاركين، والإمارات على 34%.

وثمة لاعب رئيسي هنا بطبيعة الحال هو: الولايات المتحدة الأمريكية. وقد جمع الاستطلاع إيران والولايات المتحدة ضمن فئة الدول غير العربية مع حصول الولايات المتحدة على أكبر عدد من الأصوات (46%) باعتبارها باتت القوة الأكثر تأثيراً في المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية. بعبارة أخرى، فإن الإجابة عن دور إيران في المنطقة تتحدد من خلال آراء الشباب العربي حول دور أمريكا اليوم تحت إدارة الرئيس ترامب وسياسة "الضغط الأقصى" التي يمارسها ضد إيران من خلال تشديد العقوبات وتصعيد اللهجة.

علاوة على ذلك، فإن الاستطلاع تم إجراؤه بعد فترة قصيرة من اغتيال قاسم سليماني في غارة أمريكية على موكبه في العراق أثناء مغادرته مطار بغداد الدولي. ولقي اغتياله سروراً ضمنياً في دول مثل السعودية والإمارات، واحتفالات مفتوحة في أجزاء من لبنان والعراق حيث بدأ حضور إيران يثير الانزعاج وقوبل بمظاهرات مناهضة منذ الخريف الماضي؛ وكذلك في سوريا حيث كان الدعم العسكري الإيراني للرئيس الأسد باهظ الثمن بالنسبة للمدنيين هناك. ومع ذلك، فإن الآراء حيال الولايات المتحدة منقسمة إلى حد كبير، حيث ينظر إليها 43% من الشباب العربي على أنها عدو.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الآراء المتعلقة بالقوى المؤثرة لا تتناسب بالضرورة مع اعتبار الدولة حليفاً أو عدواً؛ فإيران، وإن كان 14% من الشباب العربي يعتبرونها القوة الأكثر تأثيراً في المنطقة، إلا أن 64% منهم أيضاً يعتبرونها عدواً لبلدانهم.

كان من الرائع لو تم طرح السؤال دون الفصل بين الدول العربية وغير العربية، أو أقلّه بضم إيران مع دول المنطقة لنرصد بدقة آراء الشباب العربي حول مدى التأثير الإقليمي لإيران - ليس في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، بل بالمقارنة مع السعودية والإمارات؛ خصوصاً وأنه حدثت بالفعل نقطة تحول محورية قبل خمس سنوات عندما قررت المملكة العربية السعودية استعراض قوتها العسكرية بصورة غير مسبوقة واستعادة زمام المبادرة من خلال إطلاق عملية "عاصفة الحزم" ضد المتمردين الحوثيين في اليمن في مارس 2015. كما أن صعود الأمير محمد بن سلمان عزز الانطباع بتنامي تأثير المملكة: حيث كسر ولي العهد تقليد التسويات الذي سيطر لفترة طويلة على السياسة الخارجية السعودية وكان أكثر حزماً في أفعاله.

واضطّلعت واطلعت الإمارات أيضاً بدور أقوى في بعض أجزاء المنطقة مع تنامي حضورها العسكري تحديداً من اليمن إلى ليبيا. ومع تصاعد لهجة ترامب ضد إيران، والحملة الواضحة من عمليات التخريب الخفية التي تستهدف المنشآت النووية والموانئ وغيرها من البنى التحتية في إيران، والآن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، لا شك أن الشعور بالعجز تجاه إيران الذي ساد بعض العواصم العربية منذ عام 2003 قد بدأ بالانحسار.

إن الآراء المتعلقة بالقوى المؤثرة مهمةٌ جداً في الجغرافيا السياسية على الرغم من أن واقع الحياة على الأرض لا يزال كئيباً لملايين الأشخاص بصرف النظر عن القوة الإقليمية التي يدعمونها، بدءاً من الكوارث الإنسانية في سوريا واليمن وصولاً إلى الانهيار الاقتصادي في لبنان، ومن حملات القمع في مصر وصولاً إلى الانخفاض السريع في قيمة العملة الإيرانية. وجاءت جائحة "كوفيد-19" لتفاقم يأس الناس وتقلّص الاقتصادات الإقليمية، ولكنها لم تغير الشعور المتزايد بالثقة الذي تشعر به السعودية والإمارات إزاء إيران. ومع ذلك، فقد تنحسر هذه الثقة بشكل كبير إذا ما أعادت إدارة بايدن سياسة التعامل مع إيران، إلّا إذا كانت تلك السياسة جزءاً من حوار أوسع يعالج مخاوف الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة بشكل مناسب.

كيم غطاس هي صحافية ومؤلفة ومحللة تحظى بخبرة تزيد على عشرين عاماً في مجالات الصحافة المكتوبة والإعلام السمعي البصري، وتغطي قضايا الشرق الأوسط والشؤون الدولية والسياسة الخارجية الأمريكية. عملت غطاس مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وصحيفة فاينانشال تايمز، ودي فولكسكرانت. وكانت جزءاً من فريق بي بي سي الحائز على جائزة إيمي عام ٢٠٠٦ عن تغطية الحرب في لبنان، وهي حالياً زميلة أولى غير مقيمة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. ألفت غطاس كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، والصراع الذي دام أربعين عاماً، والذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط" (الصادر في يناير ٢٠٢٠)، وكذلك الكتاب الناجح "الوزيرة: رحلة مع هيلاري كلينتون من بيروت إلى قلب القوة الأمريكية" (الصادر في فبراير ٢٠١٣). وتساهم غطاس بمقالات منتظمة في صحيفة "أتلانتك"، وتعمل محللة على قنوات "إم إس إن بي سي" و"سي إن إن" و"إن بي آر" وغيرها. ولدت غطاس وعاشت في بيروت، وتحمل الجنسيتين اللبنانية والهولندية. وهي عضوة في مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي مجلس إدارة شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج).

سونيل جون

رئيس شركة "بي سي دبليو الشرق الأوسط" (بيرسون كون آند وولف) ومؤسس "أصداء بي سي دبليو"
آن الأوان ليؤتي "عائد الشباب العربي" ثماره

Mina Al Oraibi
أفشين مولافي

زميــل أول فــي معهــد الشــؤون الخارجيــة بجامعة جــون هوبكنز للدراســات الدولية المتقدمــة فــي واشــنطن
استمعوا لصوت البراغماتية

Khalid Al Maeena
د. جهاد أزعور

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى صندوق النقد الدولي
كوفيد-19 يسرّع الحاجة لعقد اجتماعي جديد

Sunil John
إيمان الحسين

باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الشباب العربي وأهمية تجديد الخطاب الديني

Bernard Haykel
مينا العريبي

رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال"، أبو ظبي
لمساعدة النساء العربيات على كسب حقوق أكثر

Hassan Hassan
حسين إبيش

باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الإمارات العربية المتحدة نموذجٌ جديد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية

Hussein Ibish
كيم غطاس

صحفية ومحللة ومؤلفة كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، صراع الأربعين عاماً الذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط
إيران وغضب الدول العربية ذات الأغلبية السنية

Raed Barqawi
منى الشقاقي

مراسلة قناة العربية الأخبارية في واشنطن
إذا لم تتمكن من استقطاب اهتمامهم في غضون 8 ثوانٍ ... ستفقدهم

Osama Al Sharif