آراء تحليلية

آراء الخبراء المختصين ونظرتهم التحليلية المعمقة حول نتائج "استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي 2020".

الشباب العربي وأهمية تجديد الخطاب الديني

جهاد أزعور

إيمان الحسين

لطالما اعتبرت البطالة وتردّي الأوضاع الاقتصادية العاملين الأكثر ضغطاً على الشباب العربي، لكن هذه نصف الحقيقة فقط. فقد أظهرت نتائج استطلاع 2020، على غرار نتائج استطلاع العام الماضي، أن الدين ما يزال عنصراً جوهريّاً من الهوية العربية حتى بالنسبة للشباب العربي. كما تعكس النتائج رأي الشباب بالمؤسسات الدينية وضرورة إصلاحها برأيهم لعدم تماشيها مع متغيرات العالم الذي نعيش فيه.

ويتعين على الشباب العربي أن يسبروا أغوار مختلف مكونات هويتهم، مثل الدين، والقبيلة، والعائلة، والانتماء الوطني، والموروث، واللغة. وتظهر النتائج أن الدين لا يزال العنصر الأهم في تشكيل الهوية الشخصية بالنسبة للشباب العربي بنسبة ( 40%)، تليه العائلة/ القبيلة (19%)، والانتماء الوطني (17%). ويتجلى هذه التعلّق الشديد بالدين بشكل أكبر في بلدان شمال أفريقيا (61%) وأقل منه في بلدان الخليج العربي (27%). ورغم أهمية الدين بالنسبة للعديد من الشباب العربي، يرى أغلبهم أن تأثيره شديدٌ جداً على المنطقة. فقد وافق ( 67%) منهم على جملة "يلعب الدين دوراً كبيراً في الشرق الأوسط"، وهي أعلى نسبة مسجلة خلال السنوات القليلة الماضية.

ولا تكشف هذه الأرقام الآراء المتضاربة بخصوص الدين، وإنما توضح المعضلات التي تواجه الشباب العربي. وقد أثّرت مختلف الأحداث الإقليمية والمحلية على نظرة المجتمعات العربية للدين. فقد ساهم تنامي الحركات المتطرفة في المنطقة وبزوغ الإسلام السياسي عقب الاحتجاجات العربية في صياغة التاريخ الحديث الذي ما زال يؤثر على الشباب العربي. علاوةً على ذلك، لم يعد خافياً على الشباب - أو عصيّاً على فهمهم - كيف توظف بعض الدول العربية الدين في خطابها السياسي لتعمل بعدها وسائل التواصل الاجتماعي على تضخيم تأثيره. من ناحية أخرى، ساهم نهوض الروح الوطنية في بعض مناطق العالم العربي بتغيير وإعادة تحديد العناصر المكوّنة للهوية. وتلعب جميع هذه التطوّرات التي شهدها العقد المنصرم دوراً في تغيير نظرة الشباب إلى الدين وكيفية تأثيره على تكوين هويتهم الشخصية.

ومما يزيد من تعقيد المصاعب التي تواجه الشباب العرب بخصوص موضوع الدين هو السياسة المتزمّتة التي تتبعها المؤسسات الدينية في المنطقة. ففي العام الماضي، عبّر 79% من الشباب العرب عن الحاجة لإصلاح المؤسسات الدينية، هذه النسبة تراجعت إلى 66% في استطلاع العام الحالي. وتعكس التفسيرات الحالية للدين وكيفية تأثيره على الأنظمة التشريعية للعديد من البلدان العربية، واقعاً قديماً بعض الشيء خاصّةً فيما يتعلق بجانب الخصوصية من قانون الأحوال الشخصية، وتحديداً المواضيع المتعلقة بالمرأة. يتأثّر الموروث الثقافي العربي إلى حدٍ كبير أحياناً بالتفسير التقليدي للدين، وهذا يشكّل تحدّياً للشباب الذين يتناقض أسلوب حياتهم المعاصر مع ثقافتهم التقليدية، وبالتالي يدخلون في دوامة من التناقضات المليئة بمشاعر الذنب والقلق.

وشهد الشباب كيف يمكن لبعض الشخصيات الدينية - التذين ما زالوا أصحابها من ذوي التأثير في العديد من المجتمعات العربية - أن يتماشوا مع موجة التغيير أحياناً ولو كانوا قد حاربوها في البداية. وفضلاً عن كونها تزرع الشك في عقول الشباب العربي تجاه المؤسسات الدينية، تثبت هذه الحالة تناقضات الخطاب الديني وفشله بإيجاد تفسيرات ومبررات مناسبة لتغيّرات الواقع اليومي. ولم تعد هذه الحالة المتكررة من الرفض والتحريم بدايةً ثم التقبّل والتأقلم لاحقاً، مصدراً للحيرة، بل أضحت دليلاً على عجز هذه المؤسسات عن مواكبة التغيير. وكنتيجةٍ لهذا، تراجعت الثقة بالمؤسسات الدينية، وبدأت تظهر مقاربات فرديّة لفهم الدين مستقلّة بفكرها وبعيدة كل البعد عن تأثير المؤسسات الدينية.

وحاولت بعض البلدان العربية خلال السنوات الماضية مكافحة التطرّف، وجاءت هذه المحاولات ضروريّةً في زمن شهدت فيه المنطقة موجة متنامية من الحركات المتطرّفة والهجمات الإرهابية المتلاحقة التي طالت المدن العربية والغربية على حد سواء. وركّزت الكثير من إصلاحات الخطاب الديني ومؤسساته إما على مكافحة التطرّف أو على توطيد العلاقات مع الغرب. ولكن يبقى من الضروري التوجّه لمن لهذا أو ذاك، أي الشباب العربي المعتدل الذي يشعر بأنه بعيد عن الدين حالياً رغم إدراكه مدى أهميته.

ويعتبر النظر بهموم الشباب أمراً في غاية الأهمية، ولا سيّما المتعلقة بدور الدين في تكوين هويتهم. وعلى المؤسسات الدينية الأكفأ تخليص الشباب من عبء الخوض لوحدهم في المواضيع الدينية، لما يخلقه ذلك من حيرة أكبر من الأجوبة نفسها.

ويمكن لتقبّل المؤسسات الدينية تغيّرات الحاضر واحتوائها أن يعيد للشباب ثقتهم بهذه المؤسسات خلال الأوقات العصيبة. فعلى سبيل المثال، أظهر 78% من المشاركين في استطلاع نبض "كوفيد-19" دعمهم لقرار فرض القيود على الحج هذا العام. ويُظهر هذا أنه وبالرغم من أهمية الدين عند الشباب، فهُم يوافقون على إجراءات تعرّضت في البداية للجدل قليلاً. ولا يجب أن يقتصر نشر الخطاب الديني على المنافذ التقليدية، بل يجب أن يمتدّ إلى المناهج المدرسيّة والأحداث الثقافية لمنح الشباب غذاءً لفكرهم لا مزيداً من الشكّ.

يشهد الشباب العرب في هذه الأوقات العصيبة نظاماً سريع التغيّر في المنطقة، وتعصف بحياتهم أوضاع اقتصادية متقلقلة. وقد أضحى منح الشباب شيئاً من الراحة ضرورةً ملحّة أكثر من ذي قبل، كما أنه من الضروريّ أيضاً تأمين المزيد من فرص العمل وإيجاد اقتصاد أفضل للشباب، ولكن هذا لا يعني التغاضي عن المواضيع التي تؤثّر على الدين وحسّ الهوية لديهم. وتبقى الجهود الرامية لمعالجة هذه المشاكل إنجازاً جوهريّاً لم يتحقّق بعد، وضرورةً أكثر أهمية من أيّ وقتٍ مضى.

ربما لا يناقش الشباب موضوع الدين كثيراً، ولكنّه حتماً ضمن تفكيرهم.

إيمان الحسين زميلة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن. وعملت سابقاً كزميلة زائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وزميلة باحثة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض بالمملكة العربية السعودية. وتركّز إيمان في عملها البحثي على المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي، وتشمل مجالات اهتمامها البحثي مواضيع الهوية والانتماء الوطني، والتحولات الثقافية والمجتمعية، والخطاب الديني، والإصلاحي. حصلت الحسين على درجة الماجستير في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستير.

سونيل جون

رئيس شركة "بي سي دبليو الشرق الأوسط" (بيرسون كون آند وولف) ومؤسس "أصداء بي سي دبليو"
آن الأوان ليؤتي "عائد الشباب العربي" ثماره

Mina Al Oraibi
أفشين مولافي

زميــل أول فــي معهــد الشــؤون الخارجيــة بجامعة جــون هوبكنز للدراســات الدولية المتقدمــة فــي واشــنطن
استمعوا لصوت البراغماتية

Khalid Al Maeena
د. جهاد أزعور

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى صندوق النقد الدولي
كوفيد-19 يسرّع الحاجة لعقد اجتماعي جديد

Sunil John
إيمان الحسين

باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الشباب العربي وأهمية تجديد الخطاب الديني

Bernard Haykel
مينا العريبي

رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال"، أبو ظبي
لمساعدة النساء العربيات على كسب حقوق أكثر

Hassan Hassan
حسين إبيش

باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الإمارات العربية المتحدة نموذجٌ جديد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية

Hussein Ibish
كيم غطاس

صحفية ومحللة ومؤلفة كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، صراع الأربعين عاماً الذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط
إيران وغضب الدول العربية ذات الأغلبية السنية

Raed Barqawi
منى الشقاقي

مراسلة قناة العربية الأخبارية في واشنطن
إذا لم تتمكن من استقطاب اهتمامهم في غضون 8 ثوانٍ ... ستفقدهم

Osama Al Sharif