آراء تحليلية

آراء الخبراء المختصين ونظرتهم التحليلية المعمقة حول نتائج "استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي 2020".

الإمارات العربية المتحدة نموذجٌ جديد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية

حسين إبيش

حسين إبيش

من غير المستغرب أن تحتل الإمارات العربية المتحدة مرة أخرى المرتبة الأولى في استطلاع رأي الشباب العربي 2020، باعتبارها البلد المفضل الذي يرنو الشباب العربي للعيش فيه، ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به. وعلى مر السنوات التسع الماضية منذ بدء طرح هذا السؤال في الاستطلاع، دأب الشباب العربي على اختيار الإمارات في صدارة الفئتين – ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بل وأيضاً على مستوى العالم. وبذلك تتفوق الإمارات على العديد من الدول ذات التصنيف الأعلى عالمياً مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكندا وألمانيا واليابان وتركيا.

يبدو لافتاً إلى حد كبير أن تحتفظ الإمارات بمكانتها في صدارة خيارات الشباب العربي طوال هذه المدة؛ إذ يراها 46% من الشباب العربي البلد المفضل للعيش بالمقارنة مع 33% للولايات المتحدة. وهي إلى جانب ذلك تحتل المرتبة الأولى أيضاً كأفضل بلد يريد الشباب العربي لبلدانهم أن تقتدي به؛ وفي استطلاع عام 2020، حصدت الإمارات 56% من أصوات المشاركين مقابل 30% للولايات المتحدة.

فما الذي يجعل هذه النسبة الكبيرة من الشباب العربي، أو ما يقارب نصف العينة المشمولة بالاستطلاع من دول مجلس التعاون الخليجي وشرق المتوسط وشمال أفريقيا، يبدون رغبتهم بالعيش في الإمارات أكثر من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا؟ ولماذا يختارها أكثر من نصف الشباب العربي مثالاً للبلد النموذجي الذي يريدون لبلدانهم أن تقتدي به دوناً عن الولايات المتحدة أو ألمانيا أو كندا أو اليابان؟.

من الواضح أن فرص الحصول على وظائف جيدة يلعب دوراً مهماً في هذا الاختيار، لكن هذا التفسير وحده ليس كافياً بالتأكيد؛ وإلا لكان من المتوقع أن تحجز بعض الدول الخليجية المزدهرة الأخرى موقعاً دائماً لها بين المراتب الخمسة الأولى، ولكن ذلك لم يحدث باستثناء السعودية التي تم اختيارها كبلد مفضل للعيش في بعض السنوات. وإنما يبدو جلياً أن مستوى جودة الحياة عموماً في الإمارات يجعلها في مصافِ – بل وربما تتفوق على - معظم الدول الغربية باعتبارها البلد الذي يفضل الشباب العربي العيش فيه ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي أبرز الخصائص التي تجذب الشباب العربي إلى دولة الإمارات؟ لا عجب أن يشير الاستطلاع إلى فرص العمل، والرواتب المجزية، والاقتصاد القوي. ولكن هذه الخصائص تنطبق أيضاً على العديد من الدول الغربية التي تحقـق تصنيفات عالية بوصفها مكاناً مفضلاً للعيش ونموذجاً يحتذى به. الجواب على ذلك هو الأمن والأمان، حيث يأتي هذا العامل في صدارة الخصائص التي تجعل الإمارات - برأي غالبية الشباب العربي - وجهةً مفضلة للعيش أو نموذجاً للبلد المثالي. ويُنظر إلى الإمارات العربية المتحدة على أنها بيئة آمنة ومستقرة في منطقة تفتقر أغلب الأحيان إلى الأمان والاستقرار، وهي إلى جانب ذلك تحظى بمجتمع حيوي تديره حكومة فعالة وعالية الكفاءة. وهذا يبعث إلى حد كبير شعوراً بوفرة الفرص الاقتصادية، ويفسر صورة الإمارات كنموذج يحتذى به في نظر مواطني الدول العربية الأخرى التي يكافح الكثير منها لتوفير الاستقرار والأمان والفرص الاقتصادية.

ومن الجوانب التي تحقق فيها الإمارات مرتبة عالية على صعيد جودة الحياة، هناك أيضاً المعاملة الحسنة للوافدين، والبيئة الملائمة لتكوين الأسرة، والفرص التعليمية الممتازة. وما يجعل الإمارات كذلك خياراً مفضلاً على أبرز المجتمعات الغربية هو أنها تشكّل نموذجاً عربياً وإسلامياً أصيلاً للدولة العصرية التي تحظى بحكومة رشيدة واقتصاد حيوي. لا يتعلق الأمر إذن بوفرة الفرص الاقتصادية وحسب، فهذه الفرص توفرها كذلك العديد من الدول الخليجية الأخرى ناهيك عن الدول الغربية. ولا يقتصر الأمر أيضاً على كون الإمارات دولة عربية أو مسلمة فقط لأن العديد من دول الشرق الأوسط هي أيضاً عربية ومسلمة. بدلاً من ذلك، يبدو أن المزيج المميز من الأصالة الثقافية والتقاليد والتراث الديني إلى جانب الحكم الرشيد والديناميكية الاجتماعية والحضور الدولي هو ما يمنح الإمارات تلك الصورة المميزة في أذهان الشباب العربي.

لقد نجحت الإمارات العربية المتحدة بابتكار نموذج رائد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية، وينعكس تقدير الشباب العربي لذلك في نتائج الاستطلاع؛ فهم يدركون تماماً أن الإمارات لا تقدم فرص عمل أفضل فحسب، وإنما تحتضن كذلك طيفاً واسعاً من المعتقدات والتقاليد وأنماط الحياة والخيارات الاجتماعية والثقافية، وهي إلى جانب ذلك دولة تتشبث بجذورها العربية والإسلامية. وهذا المزيج الاستثنائي يفسر نظرة الشباب العربي إلى الإمارات كنموذج للبلد المثالي الذي يريدون لبلدانهم أن تقتدي به. وقد تمكنت الإمارات في السنوات الأخيرة من إرساء نموذج عربي جديد لكيفية تفاعل الحكومة والمجتمع مع مجموعة متنوعة من الأفراد والمجتمعات على أساس التعددية والتسامح والتنوع. ويقف هذا النموذج على النقيض تماماً من النزعات الدينية المنغلقة والرافضة للأجانب في بعض الدول العربية الأخرى. ويشير الاستطلاع إلى نجاح الإمارات في حسم هذه المسألة لصالحها.

صحيح أن الإمارات هي دولة عربية صغيرة جغرافياً وسكانياً، ولكنها ديناميكية بشكل استثنائي، وما من دولة عربية أخرى متجذرة بهذا العمق في الاقتصاد العالمي والمشهد الثقافي الدولي.

وفيما تشتهر دبي عملياً بثقافتها العالمية المتطورة، تتنامى مكانة أبوظبي كمركز جذبٍ ثقافي وتعليمي وتكنولوجي وسياسي متقدم في المنطقة. وتبدي الإمارات مستوى عالياً من الجرأة والطموح، ويتجلى ذلك واضحاً في مبادرات عدة أبرزها بعثة "مسبار الأمل" التي أطلقتها الدولة إلى المريخ هذا الصيف – عقب استكمال مقابلات الاستطلاع الرئيسي. وفي الوقت الذي تكافح فيه أغلب دول العالم العربي لتحقيق التنمية الاقتصادية والحوكمة الفعالة والاستقرار الاجتماعي، نجح هذا المجتمع العربي القوي بفعله والصغير بحجمه في الوصول إلى الفضاء؛ ولهذا، لم يكن مفاجئاً أن ينظر الكثير من الشباب العربي إلى الإمارات كنموذج للبلد المثالي.

وأرست الإمارات كذلك رؤية استثنائية للمواطنة في العالم العربي تقوم على أسس التعددية والتنوع والتسامح والوطنية. وتنبذ الدولة النزعات الشوفينية والظلامية والطائفية وكره الأجانب، وتعتبرها عقبات حقيقية تحول دون تقدم العديد من مجتمعات المنطقة. وبسبب ذلك، فإن الشباب العربي المشاركين في الاستطلاع لا ينظرون إلى الإمارات باعتبارها دولة يحتذى بها فحسب، وإنما يعتبرها كذلك دولة مضيافة منفتحة على جميع الثقافات الأخرى. وخلافاً لمنافسيها من الدول التي يفضل الشباب العيش فيها أو يريدون لبلدانهم الاقتداء بها، لا تزال الإمارات عربية في جوهرها. ويشير استطلاع رأي الشباب العربي لعام 2020 إلى أن هذا المزيج الفريد من الصفات العربية والعالمية والحداثية ملموس تماماً على أرض الواقع وليس مجرد حبر على ورق.

شغل حسين إبيش منصب باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن. وهو كاتب عمود أسبوعي في "بلومبرج أوبنين"، ومساهم منتظم في عدة منشورات أخرى. وله آلاف المساهمات عبر الراديو والتلفاز، كما عمل مراسلاً صحافياً من واشنطن لدى صحيفة "ذا ديلي ستار" )بيروت(. وكان إبيش سابقاً زميلاً أول في فريق العمل الأمريكي من أجل فلسطين، ومديراً تنفيذياً لمؤسسة هالة سام مقصود للقيادة العربية الأمريكية بين الأعوام 2004 و2009. ومن عام 1998 حتى عام 2004، عمل إبيش مديراً للاتصالات في لجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية. وهو حائز على دكتوراه في الأدب المقارن من جامعة ماساتشوستس في أمهرست.

سونيل جون

رئيس شركة "بي سي دبليو الشرق الأوسط" (بيرسون كون آند وولف) ومؤسس "أصداء بي سي دبليو"
آن الأوان ليؤتي "عائد الشباب العربي" ثماره

Mina Al Oraibi
أفشين مولافي

زميــل أول فــي معهــد الشــؤون الخارجيــة بجامعة جــون هوبكنز للدراســات الدولية المتقدمــة فــي واشــنطن
استمعوا لصوت البراغماتية

Khalid Al Maeena
د. جهاد أزعور

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى صندوق النقد الدولي
كوفيد-19 يسرّع الحاجة لعقد اجتماعي جديد

Sunil John
إيمان الحسين

باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الشباب العربي وأهمية تجديد الخطاب الديني

Bernard Haykel
مينا العريبي

رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال"، أبو ظبي
لمساعدة النساء العربيات على كسب حقوق أكثر

Hassan Hassan
حسين إبيش

باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن
الإمارات العربية المتحدة نموذجٌ جديد للتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية

Hussein Ibish
كيم غطاس

صحفية ومحللة ومؤلفة كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، صراع الأربعين عاماً الذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط
إيران وغضب الدول العربية ذات الأغلبية السنية

Raed Barqawi
منى الشقاقي

مراسلة قناة العربية الأخبارية في واشنطن
إذا لم تتمكن من استقطاب اهتمامهم في غضون 8 ثوانٍ ... ستفقدهم

Osama Al Sharif